Please enable JavaScript in your browser preferences and then Reload this page!!!

الصفحة الرئيسية | السيرة الذاتية مراجعات أعمال د. الصويان الأعمال المنشورة | الصحراء العربية: شعرها وثقافتها | أساطير ومرويات شفهية من الجزيرة العربية
 الثقافة التقليدية مقالات صحفية في الأدب الشفهي مقالات صحفية بالعربية محاضرات عامة معرض صور تسجيلات صوتية موسيقى تقليدية
ديواني
| كتب في الموروث الشعبي مخطوطات الشعر النبطي أعمال قيد النشر لقاء تلفزيوني مع محطة العربية مواقع ذات علاقة العنوان

Home | Curriculum Vita | Reviews | Publications | Arabian Desert Poetry | Legends & Oral Narratives  
Traditional Culture
|
Articles on Oral Literature | Articles in SaudiDebate | Public Lectures |  Photo Gallery | Sound Recordings
Traditional Music
| Anthology | Folklore Books | Manuscripts | Work in Progress | TV Interview | Relevent Links | Contact

السعودية: دولة ووطن

سعد الصويان

انشغال الرعيل الأول والتضحيات الجسيمة التي قدموها في سبيل توطيد الكيان السياسي وتعزيز الوحدة الجغرافية وتثبيت المنجزات والمكاسب لم يفسح لهم المجال للالتفات إلى بقية الأسس والمقومات التي من شأنها أن تعمل على تنمية الشعور الوطني وحب الأرض. وانتهت مرحلة التأسيس وجاءت بعدها مرحلة البناء، وانشغل الرعيل الثاني ببناء مؤسسات الدولة وقطاع الخدمات والبنية التحتية. والآن وفي ظل المعطيات والتحديات الدولية الراهنة دخلنا مرحلة حرجة نحن فيها أحوج ما نكون للالتفاف والتلاحم والانصهار في بوتقة شعور وطني واحد ورؤية جماعية وأهداف مشتركة بيننا يتفق عليها الجميع. لقد آن لنا الأوان أن ندعم وحدتنا السياسية والجغرافية ونحمي مكتسباتنا ونعززها بوحدة اجتماعية ثقافية تجعلنا نحس بأننا، إضافة إلى كوننا أبناء وطن واحد، أعضاء في مجتمع واحد متلاحم متماسك له ثقافة مشتركة. لقد آن لنا الأوان أن نعيد صياغة الثقافات المحلية والإقليمية والطائفية والقبلية المبعثرة ونحيلها من خيوط مهلهلة إلى نسيج متماسك ومن شظايا متناثرة إلى كيان ثقافي حي له فاعلية وتأثير وحضور قوي ومحسوس. نريد أن نمزج هذه المكونات الثقافية ونصهرها لتتفاعل فيما بينها وتشكل مع بعضها هوية وطنية شمولية يتماهي فيها الكل وتستوعب الجميع وتحل محل الثقافات الفرعية. نريد أن نرى اليوم الذي فيه يستطيع شخص من حائل أن يضبط الإيقاع لمغن من محايل ولشخص من سيهات أن يرقص على أنغام السروات. نريد أن نحول النشاز والمعزوفات المنفردة إلى أداء جماعي، إلى سيمفونية ثقافية متناغمة عنوانها تكريس الهوية وروح الانتماء والولاء بين مختلف فئات الشعب وطبقاته وفي كل المناطق، الكل فيها له صوت مسموع ودور يؤديه.

ولعل دمج الثقافة والإعلام في وزارة واحدة جاء في الوقت المناسب، مما يسهل التنسيق ويمنح هذه الوزارة الإمكانات والكوادر اللازمة للنهوض بهذه المهمة الجليلة، سيما أن الإعلام والثقافة كلاهما مسؤول وبشكل مباشر عن بلورة الشعور الوطني والوعي الثقافي. إن الدور المناط بوزراة الثقافة والإعلام دور خطير، فعصرنا هذا عصر صراع الحضارات وعصر تصنيع وترويج المنتجات الثقافية والإعلامية التي تشكل العقول والأذواق وأساليب العيش وطرق التفكير وأنماط الاستهلاك.

الثقافة التي أتحدث عنها في هذا السياق ليست تلك التي يسميها إخواننا المغاربة "الثقافة العالمة" ولا تلك التي يتعلمها الأطفال في المدارس، فالثقافة العالمة والثقافة التعليمية كل منهما له دوره المعروف ومكانته وأهميته. إنني أتحدث هنا عن الثقافة المحلية المغموسة بملح الأرض والمصبوغة بتراب الوطن، الثقافة التي يرضعها الأطفال مع حليب الأمهات لتنمي مشاعرهم وأحاسيسهم ووعيهم وعقلهم الجمعي مثلما ينمي الحليب أجسادهم وعضلاتهم. أتكلم عن الثقافة المشتركة والمتوارثة التي تتراكم عبر العصور والأجيال لتعطي كل شعب خصوصيته وتميزه وتمنحه هويته وذاتيته. أود أن أقصر حديثي هنا على هذا النمط المحلي من الثقافة لسببين. أولا لأن الثقافات المحلية هي التي يمكن أن تجمعنا أو أن تفرقنا كأقاليم ومناطق وطوائف وفئات اجتماعية وذلك حسب نظرتنا إليها وتعاملنا معها. أي أن ترشيد التعامل مع هذا الثقافات وعقلانية التعاطي معها أمر يصب في صميم المصلحة الوطنية. وثانيا لأن هذه الثقافات يمكن أن تشكل مادة استهلاك إعلامي شيقة بدلا من المواد التي تطالعنا في القنوات الفضائية الأجنبية. ولكي تؤدي هذا الدور الإعلامي الترفيهي والتثقيفي لا بد من إبرازها وتقديمها بشكل جيد وجذاب، بطريقة محترمة ومحترفة تشد إليها المشاهد، بدلا من الطرق النمطية السطحية التي عودتنا عليها أجهزة الإعلام (بدون ذكر أسماء برامج).

لقد أثبتت الجنادرية أن لدينا ثروات وكنوز فنية لكنها تحتاج إلى رعاية ونطوير وإلى معالجة عصرية ومدروسة. نحتاج إلى مصورين ومخرجين ومنتجين ومهندسي صوت وديكور محترفين ومتمرسين في التعامل مع هذه المادة وتقديمها كمادة إعلامية راقية تتضمن، إضافة إلى الجانب الترفيهي، رسائل توعوية مبطنة وذكية وخفيفة الوطء لا تنفّر المشاهد ولا تقلب المشهد من حفل ترفيهي إلى موعظة، فالمثل يقول: لا يموت الذيب ولا تفنى الغنم.

نتمنى على التلفزيون السعودي أن يتبنى خطة مدروسة لعرض فنوننا ومختلف أوجه ثقافتنا بأسلوب ذكي وشيق فيه خيال مبدع وتصوير جميل ينقلنا إلى أجواء الماضي ويبرز لنا علاقة الفن بالحياة رنشاطات الإنسان. وليست الاعتبارات الفنية هي المحك الوحيد في هذا الأمر، فالاعتبارات الثقافية والاجتماعية والأهداف القومية والحضارية لا بد أن توضع في الحسبان. نتوقع أن تكون الفنون ممثلة أصدق تمثيل لمختلف المناطق الجغرافية والفئات الاجتماعية في بلادنا على أن يتم صهر ذلك كله في رؤية فنية متكاملة وبوتقة حضارية واحدة تعكس وتعزز وحدتنا الوطنية والمصيرية. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى نريد لهذه الفنون أن تكون رموزا تعبر عن طموحاتنا وتطلعاتنا نبث من خلالها روح المودة والألفة والتواصل بين أبناء شعبنا وننمي فيهم الوعى القومي ونغرس في نفوسهم بذور المواطنة الحقة والاعتزاز بثقافتهم وتاريخهم. أكاد أجزم بأنه لو تم تنفيذ هذه الفكرة على الوجه المطلوب وبطرق فنية وتقنية صحيحة فإن نسبة كبيرة من المشاهدين سوف يثبتون الريموتات على القناة الأولى بنسبة كبيرة من الوقت.

 
 







  

<<Previous   |  All Articles  |  Next>>