Please enable JavaScript in your browser preferences and then Reload this page!!!

الصفحة الرئيسية | السيرة الذاتية مراجعات أعمال د. الصويان الأعمال المنشورة | الصحراء العربية: شعرها وثقافتها | أساطير ومرويات شفهية من الجزيرة العربية
 الثقافة التقليدية مقالات صحفية في الأدب الشفهي مقالات صحفية بالعربية محاضرات عامة معرض صور تسجيلات صوتية موسيقى تقليدية
ديواني
| كتب في الموروث الشعبي مخطوطات الشعر النبطي أعمال قيد النشر لقاء تلفزيوني مع محطة العربية مواقع ذات علاقة العنوان

Home | Curriculum Vita | Reviews | Publications | Arabian Desert Poetry | Legends & Oral Narratives  
Traditional Culture
|
Articles on Oral Literature | Articles in SaudiDebate | Public Lectures |  Photo Gallery | Sound Recordings
Traditional Music
| Anthology | Folklore Books | Manuscripts | Work in Progress | TV Interview | Relevent Links | Contact

أبو متعب: مَلِك القلوب

سعد الصويان

بعد وفاة المغفور له جلالة الملك فهدبن عبدالعزيز أعجب العالم وقادة العالم بالطريقة الهادئة جدا والطبيعية جدا التي تم بها انتقال السلطة إلى خلفه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله، وتولي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولاية العهد· كانت فترة حكم الملك فهد بن عبدالعزيز مليئة بالإنجازات الضخمة والعطاءات العظيمة على المستوى المحلي والدولي· وكانت له مواقفه المشرفة من مختلف القضايا العربية والعالمية· وحيث أن المغفور له جلالة الملك خالد بمجرد توليه عرش البلاد أصدر أمرا فوّض بموجبه ولي عهده الأمير فهد إدارة شؤون الدولة فإن بداية اضطلاع الملك فهد شخصيا بمسؤولية إدارة دفة البلاد ورسم سياساتها الداخلية والخارجية بدأت فعليا منذ تولى الملك خالد السلطة عام 1975م· ويعد عهد الملك خالد ومن بعده عهد الملك فهد مرحلة هامة ومفصلية في تاريخ المملكة لأنها مرحلة الطفرة التي تحققت فيها أضخم الإنجازات التنموية ومشاريع البنية التحتية وشهدت فيها البلاد تحولات جذرية طالت كل مناحي الحياة وحولت أنظار العالم كله نحو المملكة، مما كثف علاقاتها مع العالم الخارجي وعزز مشاركاتها في المؤتمرات العالمية واللقاءات الدولية·

الملك فهد من دهاة العرب والملك عبدالله من حكمائها· لو أردنا تشخيص الملك عبدالله بثلاث كلمات لقلنا عنه إنه حكيم وحليم وعادل، وتنازعني نفسي إلى استبدال الكلمة الأخيرة بأخرى هي رحيم، لا لأنها تتمشى وزنا وقافية مع سابقتيها وإنما لأن هذا هو الانطباع الذي يخرج به كل من سمعه ورآه· ابتسامته الصافية الصادقة النقية تنزع منك الرهبة وتغرس هيبته في النفس ومحبته في القلب، تجعلك تحس أنك قريب منه وأنه قريب منك وتبعث فيك الثقة والإحساس بالأمان· حتى رقصته في العرضة تعكس إنسانيته وبساطته وتؤكد أصالة انتمائه وتعزز رصيده الشعبي· وحينما تنازعني نفسي بين صفة العدل وصفة الرحمة في تشخيصي للملك عبدالله فإنني أتحدث من واقع تجارب وأحداث أعرفها حق المعرفة وإن كانت لا تمسني شخصيا بصفة مباشرة· فهناك أصدقاء لي وأقرباء يدعون له قياما وقعودا لا لأنه تصدق عليهم ولا أعطاهم منحا ولا مكافآت وإنما فعل ما هو خير وأبقى، رفع عنهم الحيف ودفع عنهم الظلم وأحق حقوقهم وأزال عنهم كربة القهر وغربة التهميش· ثم أنت تراه حينما يتحدث عن الإرهاب يتفطر قلبه ويعصره الأسى شفقة على شباب الوطن المغرر بهم من الذين سدروا في غيهم وهاموا في متاهات الظلال ونفق الإرهاب المظلم والانحراف الجارف، لكنه أيضا يعلم علم اليقين أن الحفاظ على أمن الوطن وسلامة المواطنين مسؤولية جسيمة وأمانة في عنقه لن يفرط فيها· هذه بعض من صفاته ملكا، أما بعض صفاته إنسانا فمعروف عنه النبل في التعامل مع الآخرين والتواضع الجم والبعد عن الصلف وحب الخير· لا أحد يذكر إطلاقا أنه تلفّظ بكلام جارح أو أساء التعامل بأي طريقة مع أي من المسؤولين الذين يعملون معه أو المواطنين العاديين الذين يتقاطرون يوميا إلى مكتبه· يجلس لاستقبال جموع غفيرة من العجزة وكبار السن من عامة الناس للاستماع شخصيا لشكاويهم وتظلماتهم وتراه يمسك بكل عطف وحنو بيد الواحد منهم يساعده في القيام والقعود· هذه هي شخصية الملك عبدالله بدون رتوش، وهذه طبيعته التي جُبل عليها، وليس فيما يفعله رياء ولا تصنعا ولا جريا وراء الشعبية الزائفة·

حينما تولّى الملك عبدالله سُدّة الحكم قام بثلاثة أعمال لا تزال حديث المجالس حتى يومنا هذا والجميع يذكرها له بالخير· فقد ألغى تقبيل اليد والكتف لأنه لا يرى واجب الخضوع والخنوع إلا للبارئ عز وجل· ثم أطلق سراح سجناء الرأي ورأى الناس في ذلك رمزا لتددشين عهد جديد من التسامح في التعامل بين السلطة ومن يخالفها الرأي إن لم يشكل خطرا على أمن الوطن ومنجزاته· ثم أصدر أمرا بعلاوة رواتب موظفي الدولة ورأى القطاع في ذلك سنة حسنة فاقتدى بها· كما يقدر له الجميع الجهود الاستثنائية التي بذلها لتعجيل انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية لما في ذلك من انعكاسات إيجابية ليس فقط بالنسبة للاقتصاد وإنما على مختلف القطاعات الأخرى ومجمل المناخ العام، اجتماعيا وسياسيا· وقد بدأت تظهر البوادر الأولى لهذا التحسن المأمول في مجال القضاء والمرافعات· ولا ننسى إعادة فتح باب الابتعاث للطلاب إلى الخارج بعد أن كان موصدا لعدة سنوات ويستعد الآلاف من طلابنا الآن لحزم حقائبهم والسفر للدراسة في الخارج والتزود بسلاح العلم والمعرفة الذي نحن في أمس الحاجة إليه للنهوض بهذا البلد، خصوصا وقد فشلت مؤسساتنا التعليمية مع الأسف في تحمل مسؤليتها وأداء رسالتها وتطوير مناهجها· وليس عندي أدنى شك أن في جعبة الملك عبدالله العديد من المفاجآت السارة التي ستتوالى في المستقبل القريب، لكن مسائل التطوير والتغيير تحتاج إلى شيء من التريّث للتخطيط والدراسة وتهيئة البيئة والمناخ العام والظروف الملائمة والكوادر اللازمة للتنفيذ· وينبغي ألا يغيب عن أذهاننا أن جزءا من الإشكالية التي تعاني منها الدولة فيما يخص التطوير والتغيير لا يتحمله الجهاز الحاكم بقدر ما هو يكمن في تهيئة مختلف قطاعات الشعب وأصحاب المصالح المختلفة والمتنافرة أحيانا لتقبل هذه التغييرات والتعامل معها بإيجابية وفاعلية·

من يقرأ التصريحات التي يدلي بها مسؤولو وزارة الخارجية وبعض السفراء المعتمدين لوسائل الإعلام الأجنبية والكلمات التي يلقونها في المحافل الدولية والمناسبات العالمية لا يساوره أدنى شك بأن وتيرة الإصلاح سوف تتسارع حينما تتهيأ الغالبية من المواطنين لتقبل هذه الإصلاحات نفسيا واجتماعيا، خصوصا وأن البعض منها يطال تابوهات اجتماعية مثل قضايا المرأة ومناهج التعليم والأجهزة القضائية والمؤسسة الدينية وغيرها· كما أن المشاركة السياسية من القضايا المطروحة ولكن بتدرج وحذر توخّيا للمصلحة وحتى لا تأتي بعكس ما هو مرجو منها وحتى يتعود عليها الناس ويتعاملون معها تعاملا واعيا ورشيدا· وقبل الحديث عن توسيع المشاركة السياسية ينبغي الحديث أولا عن توسيع المشاركة في الرأي عن طريق تشريع قنوات الاتصال والأخذ والعطاء بين السلطة والشعب، وتعزيز آليات منتدى الحوار الوطني وتوسيع قاعدته الجماهيرية وتكثيف لقاءاته وتنويع المواضيع المطروحة للمناقشة، وذلك حتى نصل إلى ما يشبه الاجماع الشعبي أو الاتفاق حول أولويات التغيير المطلوب وتحديد مراحله، وكذلك حتى نتمرن على التسامح وعلى اللين والرفق في تعاملنا مع بعضنا البعض وعلى الابتعاد عن التشنج والحدة المستفِزّة في طروحاتنا وحواراتنا وعدم شخصنة الاختلافات في الرأي· كما أن المشاركة السياسية لن تكون ناجحة ولن تؤتي ثمارها ما لم يتم تطوير القواعد والأسس التي تقوم عليها وتسيّرها والمتمثلة في تنمية وتطوير مكونات المجتمع المدني من نقابات مهنية وجمعيات محلية ونوادي أهلية وما في حكمها· ومع ذلك تبقى الأولوية في اعتقادي لعصب الحياة، أعني الاصلاحات الاقتصادية والمالية والتي أصبحت لا تقبل التأخير، خصوصا وأن عوائد البترول التي أنعم الله بها على هذه البلاد سارعت في تهيئة الظروف والأسباب لمثل هذه الإصلاحات·

أعان الله الملك عبدالله، فهو بين معسكرين، معسكر يستعجل التغيير ويلح عليه، ومعسكر يخاف منه ولا يريده· وعيون العالم الخارجي مسلطة علينا· فالمأمول من الجميع أن يقفوا معه ويعاضدوه ويثقوا في حكمته وسداد رأيه، فهو رجل محنك نافذ البصيرة، ولا أحد منا يحرص ويسهر على مستقبل هذا البلد ومصلحته وأمنه واستقراره ورخائه مثل حرصه وسهره· إنه رجل المرحلة وهو لها وابن بجدتها، لكنه لوحده وبدون وقفتنا جميعنا معه ستكون مهمته صعبة وطريقه طويل· ما يريده منا الملك عبدالله هو أن نسمعه أصواتنا ترتفع لتبارك برنامجه الإصلاحي وتؤيد خطواته التحديثية· ومما يثلج الصدر ويبعث الأمل والثقة في النفس أن كل من تحدثت إليهم واجتمعت بهم من طبقة الإنتلجينسيا والتكنوقراط ورجال الأعمال متفائلون بالملك عبدالله ومتعاهدون على الوقوف معه وتسهيل مهمته كل في مجاله وبالقدر الذي يسمح به موقعه، والكل يقدر مبادراته ويرى فيه قائدا موفقا لعمل الخير وقبطانا ماهرا سوف يقود هذه السفينة إلى بر الأمان وجزيرة الأحلام، أحلام الأمن والرخاء والتطور والنهضة الشاملة·

 







  

<<Previous   |  All Articles  |  Next>>